فصل: كيفية القراءة بعد الفاتحة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.كيفية القراءة بعد الفاتحة:

والقراءة بعد الفاتحة تجوز على أي نحو من الانحاء.
قال الحسين: «غزونا خراسان ومعنا ثلثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الايات من السورة ثم يركع».
وعن ابن عباس: أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة. رواه الدار قطني بإسناد قوي.
وقال البخاري: «باب الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وبسورة قبل سورة وبأول سورة».
ويذكر عن عبد الله بن السائب: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في الصبح حتى إذا ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
وقرأ عمر في الركعة الأولى بمائة وعشرين آية من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني.
وقرأ الاحنف بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيونس أو يوسف، وذكر: أنه صلى مع عمر الصبح بهما، وقرأ ابن مسعود بأربعين آية من الانفال وفي الثانية بسورة من المفصل.
وقال قتادة فيمن قرأ سورة واحدة في ركعتين، أو يردد سورة في ركعتين -: كل كتاب الله.
وقال عبد الله بن ثابت عن أنس: كان رجل من الانصار يؤمهم في مسجد قباء.
وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح ب {قل هو الله أحد} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة.
فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى.
فقال: ما أنا بتاركها. إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره.
فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، أخبروه الخبر فقال: «يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها. فقال: حبك إياها أدخلك الجنة».
وعن رجل من جهينة: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا؟ رواه أبو داود، وليس في إسناده مطعن.

.هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:

نذكر هنا ما لخصه ابن القيم من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة قال: فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها وكان يطيلها تارة، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبا.

.قراءة الفجر:

وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية.
وصلاها بسورة ق، وصلاها بالروم وصلاها ب {إذا الشمس كورت} وصلاها ب {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما، وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر، وصلاها فافتتح بسورة المؤمنون حتى بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى فأخذته سعلة فركع، وكان يصليها يوم الجمعة بألم تنزيل السجدة وسورة {هل أتى على الإنسان} كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه.
وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضلت بسجدة، فجهل عظيم، ولهذا كره بعض الائمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن.
وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين، لما اشتملتا عليه من ذكر المبدأ والمعاد، وخلق آدم ودخول الجنة والنار، وغير ذلك، مما كان ويكون في يوم الجمعة.
فكان يقرأ في فجرها، ما كان ويكون في ذلك اليوم، تذكيرا للامة بحوادث هذا اليوم، كما كان يقرأ في المجامع العظام، كالاعياد والجمعة، بسورة {ق} و{اقتربت} و{يسبح} و{الغاشية}.

.القراءة في الظهر:

فكان يطيل قراءتها أحيانا، حتى قال أبو سعيد: كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطيلها، رواه مسلم، وكان يقرأ فيها تارة بقدر الم تنزيل وتارة {سبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} وتارة ب {والسماء ذات البروح}، {والسماء والطارق}.

.القراءة في العصر:

وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت. وبقدرها إذا قصرت.

.القراءة في المغرب:

وأما المغرب فكان هديه فيها خلاف عمل اليوم، فإنه صلاها مرة بالاعراف في الركعتين ومرة بالطور ومرة بالمرسلات قال أبو عمر ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب ب {المص} الاعراف وأنه قرأ فيها بالصافات وأنه قرأ فيها بحم الدخان، وأنه قرأ فيها ب {سبح اسم ربك الاعلى} وأنه قرأ فيها ب {والتين والزيتون}، وأنه قرأ فيها بالمعوذتين وأنه قرأ فيها بالمرسلات، وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل.
وقال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة، انتهى كلام ابن عبد البر.
وأما المداومة فيها على قصار المفصل دائما، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت وقال مالك تقرا في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: الاعراف.
وهذا حديث صحيح، رواه أهل السنن.
وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين.
فالمحافظة فيها على الآية والسورة من قصار المفصل خلاف السنة، وهو فعل مروان بن الحكم.

.القراءة في العشاء:

وأما العشاء الاخرة: فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم ب {والتين والزيتون} ووقت لمعاذ فيها ب {والشمس وضحاها} {وسبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} ونحوها.
وأنكر عليه قراءته فيها البقرة بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو ابن عوف فأعادها لهم بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ البقرة ولهذا قال له: «أفتان أنت يا معاذ؟» فتعلق النقادون بهذه الكلمة، ولميلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها.

.القراءة في الجمعة:

وأما الجمعة فكان يقرا فيها بسورة الجمعة والمنافقين أو الغاشية كاملتين وسورة سبح والغاشية.
وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من {يأيها الذين آمنوا} إلى آخرها، فلم يفعله قط.
وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ عليه.

.القراءة في العيدين:

وأما القراءة في الاعياد فتارة يقرأ سورة {ق} و{اقتربت} كاملتين وتارة سورة سبح والغاشية وهذا هو الهدي الذي استمر عليه إن أن لقي الله عزوجل، لم ينسخه شئ، ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده.
فقرأ أبو بكر رضي الله عنه في الفجر سورة البقرة حتى سلم منها قريبا من طلوع الشمس فقالوا: يا خليفة رسول الله، كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وكان عمر رضي الله عنه يقرأ فيها بيوسف والنحل وهود وبني إسرائيل، ونحوها من السور.
ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخا لم يخف على خلفائه الراشدين ويطلع عليه النقادون.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر {ق والقرآن المجيد} وكانت صلاته بعد تخفيفا فالمراد بقوله بعد: أي بعد الفجر، أي أنه كان يطيل قراءة الفجر أكثر من غيرها وصلاته بعدها تخفيفا.
ويدل على ذلك قول أم الفضل وقد سمعت ابن عباس يقرأ {والمرسلات عرفا} فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءة هذه السورة، إنها لاخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أيكم أم بالناس فليخفف» وقول أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام» فالتخفيف أمر نسي، يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه وقد علم أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة.
فالذي فعله هو التخفيف الذي أمر به، فأنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة فهي خفيفة بالنسبة إلى أطول منها.
وهديه الذي واظب عليه، هو الحاكم على كل ما تنازع عليه المتنازعون.
ويدل ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات، فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي كان يأمر به.

.قراءة سورة بعينها:

وكان صلى الله عليه وسلم لا يعين سورة في الصلاة بعينها، لا يقرأ إلا بها، إلا في الجمعة والعيدين، وأما في سائر الصلوات فقد ذكر أبو داود، في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة.
وكان من هديه قراءة السور الكاملة، وربما قرأها في الركعتين وربما في أول السورة.
وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه.
وأما قراءة السورتين في الركعة فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض فلم يحفظ عنه، وأما حديث ابن مسعود: إني لاعرف النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن السورتين في الركعة.
الرحمن والنجم في ركعة. واقتربت والحاقة في ركعة، ووالطور والذاريات في ركعة، إذا وقعت ونون في ركعة الحديث.
فهذا حكاية فعل لم يعين محله.
هل كان في الفرض أو في النفل؟ وهو محتمل.
وأما قراءة سورة واحدة في ركعتين معا فقلما كان يفعله.
وقد ذكر أبو داود عن رجل من جهينة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري. أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا.

.إطالة الركعة الأولى في الصبح:

وكان صلى الله عليه وسلم يطيل الركعة الأولى على الثانية من صلاة الصبح، ومن كل صلاة وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم، وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من سائر الصلوات.
وهذا، لأن قرآن الفجر مشهود، يشهده الله تعالى وملائكته.
وقيل: يشهده ملائكة الليل والنهار.
والقولان مبنيان على أن النزول الالهي، هل يدوم إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟ وقد ورد فيه هذا وهذا.
وأيضا، فإنها لما نقص عدد ركعاتها جعل تطويلها عوضا عما نقصته من العدد، وأيضا فإنها تكون عقيب النوم والناس مستريحون، وأيضا فإنهم لم يأخذوا بعد في استقبال المعاش وأسباب الدنيا، وأيضا فإنها تكون في وقت تواطأ السمع واللسان والقلب، لفراغه وعدم تمكنه من الاشتغال فيه فيفهم القرآن ويتدبره، وأيضا فإنها أساس العمل وأوله، فأعطيت فضلا من الاهتمام بها وتطويلها، وهذه أسرار إنما يعرفها من له التفات إلى أسرار الشريعة ومقاصدها وحكمها.
صفة قراءته صلى الله عليه وسلم:
وكانت قراءته مدا، يقف عند كل آية، ويمد بها صوته.
انتهى كلام ابن القيم.

.ما يستحب أثناء القراءة:

يسن أثناء القراءة، تحسين الصوت وتزيينه: ففي الحديث.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زينوا أصواتكم بالقرآن» وقال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
وقال: «إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه وحسبتموه يخشى الله» وقال: «وما أذن الله شيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن».
قال النووي: يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشر، أو من المكروه، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزه الله فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك الله رب العالمين؟ أو جلت عظمة ربنا، أو نحو ذلك.
وروينا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة» فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح آل عمران فقرأها ثم افتتح النساء فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، رواه مسلم.
قال أصحابنا: يستحب هذا، والتسبيح السؤال والاستعاذة للقارئ في الصلاة وغيرها، وللامام والمأموم والمنفرد، لأنه دعاء، فاستووا فيه، كالتأمين، ويستحب لكل من قرأ {أليس الله بأحكم الحاكمين} أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} قال: بلى أشهد، وإذا قرأ {فبأي حديث بعده يؤمنون} قال آمنت بالله.
وإذا قال {سبح اسم ربك الاعلى} قال: سبحان ربي الاعلى، ويقول هذا في الصلاة وغيرها.

.مواضع الجهر والإسرار بالقراءة:

والسنة أن يجهر المصلي في ركعتي الصبح والجمعة، والأوليين من المغرب والعشاء، والعيدين والكسوف والاستسقاء، ويسر في الظهر والعصر، وثالثة المغرب والاخريين من العشاء.
وأما بقية النوافل، فالنهارية لا جهر فيها، والليلية يخير فيها بين الجهر والاسرار. والافضل التوسط.
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بأبي بكر وهو يصلي، يخفض صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعا صوته، فلما اجتمعا عنده قال: «يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك؟» فقال: يا رسول الله قد أسمعت من ناجيت، وقال لعمر: «مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك» فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان.
فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا» وقال لعمر: «اخفض من صوتك شيئا» رواه أحمد وأبو داود.
وإن نسي فأسر في موضع الجهر، أو جهر في موضع الاسرار فلاشئ عليه، وإن تذكر أثناء قراءته بنى عليها.